02
Dec
2021
الوزير بوشكيان في المؤتمر العام ليونيدو: " الصناعة أثبتت أنها أقوى من الأزمات المتلاحقة كيف يقوم لبنان من دون معونة عاجلة من المجتمع الدولي"
أكد وزير الصناعة جورج بوشكيان في الكلمة التي ألقاها في مشاركته الافتراضية في الدورة التاسعة عشرة للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية( يونيدو) المنعقدة في العاصمة النمساوية فيينا أنه "على الرغم من فيروس كورونا، ظهرت فرص كبيرة استفاد منها لبنان للتوجّه أكثر نحو اقتصاد انتاجي مستدام."
وإذ أكد أن الصناعة أثبتت أنها أقوى من الأزمات المتلاحقة، سأل كيف يقوم لبنان من دون معونة عاجلة من المجتمع الدولي.
نص الكلمة
وفي ما يلي نص كلمة الوزير بوشكيان:"يشرّفني أن أمثِّلَ لبنان في الدورة التاسعَةَ عشْرةَ للمؤتمرِ العام لمنظّمةِ الأممِ المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو)، حيث كان من المفترض أن نجتمع بتصميم وإرادة لوضع الخطط والبرامج الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة والتعافي من تأثير جائحة كورونا ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة.
كنّا سنلتقي هذه السنة في لقاءٍ جامع طالَ انتِظارُه بين ممثّلي الدول، على أساس أنّنا تغلَّبْنا إلى حدٍّ ما على جائِحةُ COVID-19 التي غيَّرَتْ اقتصاداتِنا وحياتَنا الاجتماعية وأنظمتَنا التعليمية والصحّية وحياتَنا كأفراد.
وها هي تفرُضُ اقفالاً في النمسا وفي عددٍ من الدول الاوروبيّة مجدَّداً، ما حال آسفينَ دونَ حضورِنا المؤتمرَ العام. ونتمنّى للنمسا نجاحَ تدابيرِها الوقائية.
لقد رَمَتْ هذه الجائحة بثِقْلِها على دولِ العالم، لا سيما النامية والأكثر فقراً. فزادَ الفقرُ وعدمُ المساواة نتيجةَ البنى التحتيّة الضعيفة، وإغلاقِ الحدود، وفرضِ القيودِ التجاريّة على سلاسِلِ التَوْريد، فنَمَا توجُّهٌ كبيرٌ نحوَ القوميّة الاقتصادية وزيادةِ الانتاج المحلي.
غير أنه وبالرغم من الآثارِ السلبية لهذه الجائحة على الاقتصادِ العالمي، فقد ظهرتْ فرصٌ جدِّية للتحوّلِ نحو نموٍّ أكثرَ إنتاجيةً واستِدامة.
لم يكن لبنان بمعْزِلٍ عن هذه الأزمة. ومَرَّ بلدُنا بتجربةٍ صعبة متعدِّدةِ الأبعاد. فبالإضافة إلى الآثارِ الكارثية لـِ كورونا، والنقصِ الكبير في المعدّاتِ الطبيّة، وأدواتِ التعقيم، والتجهيزاتِ الاستشفائية، والألبسة الواقية، وآلاتِ الاوكسيجين والأدوية نتيجة انقطاعِ سلاسلِ التوريدِ العالمية، كان للأزمةِ الاقتصادية والمالية غيرِ المسبوقة التي يعاني منها لبنان تأثيرٌ مضاعف.
فزادت القيودُ على الاستيراد، وضعُفَت القيمةُ الشرائية للمواطن، وارتفعت نسبةُ التضخّم بشكلٍ كبير. وأتَتْ أزمةُ النزوحِ السوري لتزيدَ من التحديات في بلدٍ عددُ سكانِه حوالي 5 مليون نسمة، يستضيفُ 2 مليون نازح سوري ولاجئ فلسطيني، إضافةً إلى مشكلةِ اقفالِ المعابِرِ الحدودية البرّية بين سوريا وكلٍّ من العراق والاردن.
إن الاستضافةَ اللبنانية للنازحين الواجبة انسانياً، خلّفت خسائرَ بأكثر من خمسة عشَرَ مليار دولار باعترافِ البنك الدولي. فيما التعويضاتُ للبنان لم تَتخَطَّ المليار دولار. فكيف يقومُ لبنان من دونِ معونةٍ عاجلة من المجتمعٍ الدولي؟
كما زادَ الأمورَ تفاقماً الانفجارُ المُدمِّر لمرفأ بيروت قبل سنةٍ وثلاثةِ أشهر، وأودى بمئتَي شهيد وآلاف الجرحى، ودمّرَ نصفَ العاصمة وشرَّدَ عشراتِ الألوف، وألحقَ بهم خسائرَ مادية بعشراتِ ملياراتِ الدولارات.
غير أنه بالرغم من هذه الأزماتِ المتلاحقة، كانت الصناعةُ اللبنانية أقوى من الكارثة، وقامت بدورٍ جبّار، أثبتَتْ من خلاله براعتَها وامكاناتِها وقدراتِها الابتكارية ومرونتَها في التكيّفِ مع الأزمات والمستجدّاتِ الطارئة.
وكانت الرافعةَ الأولى وعاملَ الاستقرارِ الأكبر للاقتصادِ الوطني، حيثُ ساهمتْ وتساهمُ في تخفيضِ فاتورةِ الاستيراد، وتخفيضِ عجزِ الميزانِ التجاري، وتأمينِ فرصِ العمل، والحفاظِ على الناسِ في أرضِهم، وتحريكِ عجلةِ الاقتصادِ الوطني.
إن القطاعَ الصناعي قطاعٌ واعدٌ في لبنان. مسؤولٌ عنه أصحابُ علمٍ واختصاص وخبرات وبراعة وتفوّق. صدّروا منتجاتِهم إلى كافةِ أقطارِ العالم في قطاعاتٍ عديدة منها صناعةُ الابتكار. غير ان هذا القطاع بحاجة لمزيدٍ من الدعم والمساندة ليتمكَّنَ من الاستفادة من قدراتِهِ الكاملة.
إننا نشكرُ منظمةَ يونيدو على المشاريعِ العديدة التي نفَّذَتْها وتنفِّذُها في لبنان، ونعلّق أهمّيةً كبيرة على التعاونِ الوثيق بين وزارةِ الصناعة ومكتب يونيدو في بيروت.
كما نشكر الدولَ المانحة التي موَّلَتْ هذه المشاريع، ونطالبُ بالمزيدِ من المساعدة والمواكبة والتمويل لمشاريعَ جديدة واضافية. فقطاعُنا الصناعي مُهَيَّأ للتوسُّعِ والتطَوّر بفضلِ قدراتِه البشرية التي هي القيمة المضافة العالية في الانتاج اللبناني.
إنّ خطة العمل الحالية التي نعمل على تنفيذِها في وزارةِ الصناعة تهدف إلى تطويرِ صناعة مستدامة ذات جودة عالية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، وتطويرِ صناعةِ الابتكار، والصناعاتِ التقليدية التي يتميّزُ بها لبنان كما وتحقيقِ التكاملِ في الانتاج.
لذا أناشدُكم بمحبَّتِكُم للبنان ودعمِكُم له، مساعدةَ قطاعِنَا الصناعي. وأنا أخاطب القيّمينَ على منظمةِ يونيدو، كما أخاطبُ الدولَ والجهاتِ المانحة التي وقفتْ دائماً إلى جانبِ لبنان. وفي ظل هذه الأزمة الحالية، دعمُكُم أساسي لمساندةِ وطني في مسارِ خروجِهِ من أزمتِه، وتحوّلِه إلى الاقتصادِ المنتج .