01
كانون الأول
2021
اطلاق الدراسة عن الواقع الصناعي في 2021 بتمويل اوروبي بوشكيان:" مؤشّر لاهتمام وثقة اوروبية بالقطاع الانتاجي" الجميّل:" الصناعة محرّك للاقتصاد وتحقّق النمو وفرص العمل"
أعلنت جمعية الصناعيين اللبنانيين قبل ظهر اليوم الدراسة عن واقع القطاع الصناعي لعام 2021 التي موّلها الاتّحاد الاوروبي ونفّذها البنك الاوروبي للاعمار والتنمية ( EBRD ) في حضور وزير الصناعة جورج بوشكيان، منائبة رئيس بعثة الاتّحاد الاوروبي في لبنان اليشيا سكوارسيللا ممثلة السفير رالف طرّاف، المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، رئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميّل، نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي، رئيس نقابة اصحاب مصانع الرخام والغرانيت ابراهيم الملاح، رئيس نقابة اصحاب مصانع الصناعات الغذائية منير البساط، رئيس تجمع صناعيي المتن الشمالي شارل مللر، المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق المتوسّط في البنك الاوروبي للاعمار والتنمية هايكيه هارمغارت، وعدد من رؤساء التجمّعات الصناعية المناطقية والنقابية.
وتحدّث المسؤولون عن الاتّحاد الاوروبي وعن EBRD عن أهمية التعاون مع لبنان وعن دعم القطاع الصناعي.
الجميّل
ثم ألقى الدكتور الجميّل كلمة جاء فيها:" إن الصناعة محرّك حقيقي للاقتصاد الوطني والحركة الاقتصادية تشكّل بحدّ ذاتها رابطاً يجمع العاملين مباشرة في القطاع الصناعي مع تجّار التوزيع ومستوردي المواد الأوّلية والآلات وشركات النقل والمواصلات والمصارف، والخدمات ومدقّقي الحسابات. ولقد أبرزت جمعية الصناعيين دوماً القضيّة الصناعية انطلاقاً من ادراكها لأهميّة الدور الصناعي، ولما لها من تأثير على تحقيق نموّ مستدام وتأمين فرص العمل. ولقد أطلقت برامج عديدة حول الرؤية الاقتصادية – الاجتماعية المطلوبة لمعالجة الأزمات. ولقد أثبتت الصناعة قدراتها وطاقاتها إبّان الأزمة الأخيرة من خلال برنامج التعافي الاقتصادي الذي أطلقته الجمعيّة التي تسعى إلى اطلاق برنامج تفعيل يطال القطاعات بحسب المشاكل التي تعترض كلّ قطاع على حدة، مبرزة أيضاً فرص الاستثمار لديه."
وأضاف:" نتطلّع إلى زيادة الصادرات حول العالم، ولا سيّما الى اوروبا."
الوزير بوشكيان
وألقى الوزير بوشكيان كلمة جاء فيها:" نجتمعُ الآن للإعلانِ عن نتائجِ الدراسة التي قام بها البنكُ الاوروبي لاعادةِ الاعمار والتنمية لمصلحةِ جمعية الصناعيين عن "واقعِ القطاعِ الصناعي اللبناني في العام 2021".
وكي يُمّوِّلَ الاتِّحادُ الاوروبي مشكوراً دراسةً عن الصناعةِ اللبنانية، فذلك يؤَشِّرُ إلى وجودِ ثقة اوروبيّة واهتمامٍ اوروبي بالقطاعِ الانتاجيّ الوطني.
والثقة لا تولَدُ من لا شيء أو من فراغ. فهي نابعة من أهمّيةِ وجودةِ المنتجاتِ اللبنانية التي تُصَدَّر إلى أقطار العالم، لا سيّما إلى بلدانِ الاتحادِ الاوروبي الذي يٌعتبرُ الشريكَ التجاريَّ الأوّل للبنان.
ان الازمةَ الحالية على قدرِ صعوبتِها فتحت فرصاّ للصناعيين والصناعة، واذا انخفضت قيمةٌ الصادرات السنوية وفقاّ للاحصاءاتِ المذكورة، فقيمةٌ الوارداتِ انخفضت أيضاً من حوالي ١٩ مليار دولار إلى ١١ مليار دولار مما يشير إلى زيادةِ الاستهلاك المحلي للمنتجات الوطنية التي نافست بجودتِها واصنافِها واسعارِها المنتجات المستوردة.
وفي اطّلاعٍ سريع على الموجزِ التنفيذي للدراسة التي بَذَلَ المشرِفون عليها جهوداً نُقَدِّرُها لإجرائها، لَفَتَني ما ورد في بدايَتِها حول أن الصناعة تميَّزَتْ "بِتدخُّلٍ ودعمٍ مَحْدودَيْن من القطاعِ العام."
أعتقد أن هذا التوصيف غير دقيق ولا يعكس الدعم والرعاية التي وفرتها وزارة الصناعة للقطاع الصناعي لا سيما في السنتين الماضيتين ضمن امكانات الدولة المتاحة. وذلك باعترافِ أهلِ القطاع وجمعيّة الصناعيين اللبنانيين.
ولقد وصلت الشراكة بين الوزارةِ والجمعيّة إلى حدِّ التماهي وتبنّي خطابِ موحّد بينهما حول الاولويات والرؤية والاستراتيجية، وعملت الوزارة على اصدار القرارات اللازمة ومتابعة الملفات الأساسية التي تخدم الصناعة والصناعيين.
كما أوَدُّ التوقُّفَ على ما أشارت إليه الدراسة حول الاستناد إلى عَيِّنَة من 737 مؤسّسة من أصل 7900 مؤسسة قائمة، وهذا يدعو الى التساؤل حول وضعية هذه المؤسسات باعتبار ان قاعدة البيانات لدى الوزارة تشير إلى ان عدد المصانع المرخصة في لبنان هو ٦٥٠٠ مصنع، لذا نامل الا تكون الدراسة شملت مؤسساتٍ غير مُرّخَّصة.
ان قطاعنا الصناعي مدعاة اعتزاز وفخر لنا وهو قطاعٌ واعد حقَّق فيه الصناعيون نجاحاتٍ عالمية، تخطّوا فيها الحواجز، وأوْصلوا منتجاتِهم إلى الأسواقِ العالمية الأكثرَ تنافسيةً والأكثرَ تحدّياً في ظروفٍ اقتصادية محليّة ودولية صعبة للغاية.وهناك توظيفاتٌ هائلة بعشراتِ ملايين الدولارات، منها في قطاعِ البرمجيّاتِ والتكنولوجيا المذكور في الدراسة والذي يؤمِّنُ مداخيلَ بأكثر من مليار دولار سنوياً.
والاستثماراتُ قائمة ايضا في قطاعِ الأدوية والصناعاتِ الغذائية والمعدّات واللوازم الطبيّة والاستشفائية والتعقيم.
نعمل بجهد على عدة محاور لتوفير الدعم المطلوب والتسهيلات الممكنة والبيئة المناسبة التي توصلنا الى صناعة مستدامة ذات جودة تنافسية عالية. فاصدرنا القرارات اللازمة لمنع المنافسة غير المشروعة وفرض التقيد بالمواصفات . كما نعمل مع عدد من الدول لفتح اسواق جديدة بتعاون وثيق مع الملحقين التجاريين في السفارات اللبنانية.
نحن في وزارة الصناعة نقدِّرُ جداً الجُهْدَ المبذول، ونتمنّى أن يتَكامَلَ مع المعْطيات المتوافِرة لدى وزارةِ الصناعة ومؤسسةِ المقاييس والمواصفات ( ليبنور )، ومعهدِ البحوثِ الصناعية. كما نُوَجِّهُ الشكرَ إلى الاتّحادِ الاوروبي على التمويل، والبنكَ الاوروبي لاعادة البناء والتنمية على التنفيذ.
وأغتنم هذه المناسبة لشكر الاتحاد الاوروبي على جميع المشاريع التي نفذها ومولها في لبنان على امل ان يطلق مشاريع جديدة للقطاع الصناعي لا سيما في مجال الطاقة البديلة، والبحث في سبل ازالة العراقيل التي تعترضُ تصديرَ المنتجاتِ اللبنانية إلى اوروبا، القارَّة التي نرتبطُ مع دولِها بأوثَقِ العلاقات، ونعتبرُها الشريكَ الأقرب في الجهةِ المُقابلة على البحرِ الأبيضِ المتوسّط.
تثمن الدور الاوروبي الداعم للبنان ونأمل ان يثمر مشاريع جديدة تدعم توجّه لبنان نحو الاقتصاد المنتج.
موجز تنفيذي عن الدراسة
تعتبر الصناعة اللبنانية واحدة من أقدم المحاولات الحرفية والانتاجية في العالم. لكن هذه الصناعة شهدت دائماً وعبر تاريخها الطويل تحديات امنية واقتصادية جمّة وهي تحديات اقترنت باصرار على المواجهة والنهوض والتقدم حتى باتت الصناعة اللبنانية "نموذجاً" لصناعة تنمو وسط التحديات.
وتميزت الصناعة اللبنانية دائماً بتقديم النوعية على الكمية وبذوق مرهف الى تغليب الطابع اللبناني على الانتاج في مؤسسات صغيرة جداً وحرفية في غالبيتها حتى اليوم. كما تميزت بتدخل وبدعم محدودين من القطاع العام.
واليوم أمكن احصاء نحو 7900 مؤسسة من قبل مختلف المراجع الرسمية والخاصة الرصينة لكن الرقم يقدر ان يرتفع الى نحو35الف مؤسسة لدى احتساب المؤسسات الصغرى والحرفية. وتتمركز غالبية المؤسسات في جبل لبنان (56%) وينتمي غالبها الى قطاع الصناعات الغذائية (23.2%) التي تنمو بوضوح حالياً. وتراجعت الصادرات الصناعية بقوة الى 2.195 مليار دولار حسب الارقام الرسمية (ويقدر ان تكون دون الواقع) في 2020 (3.5 مليار في 2011)، وانخفضت حصة الصناعة الى 10.8 % من الناتج القومي في 2019 تبعاً للارقام الرسمية غير ان نتائج الدراسة الاحصائية في إطار هذا البحث تبين ان مساهمة القطاع الصناعي ترتفع الى أكثر من 17% خلال 2018 وما بعد.
وتواجه الصناعة اللبنانية اليوم صعوبات مضاعفة بسبب تجمع مشاكل داخلية عدة (الانتفاضة الواسعة، عدم وجود حكومة، الارتباك السياسي والامني، تدهور سعر الليرة...) مع مشاكل عالمية حادة (جائحة كورونا، وقف او عرقلة حركة الانتاج والتصدير ...). لكن كل هذه المتاعب دفعت بقوة حركة حديثة في "اقتصاد المعرفة" الهامشي بنسبة كبيرة الذي تندرج غالبية نشاطاته تحت راية القطاع الصناعي والذي يقدر ان يؤطر نحو1200 "مؤسسة" تنتج نحو 3 مليار دولار وتوفر بالتالي دخلاً فائق الاهمية لوطن محاصر بكم هائل من المتاعب.
واستعان هذا البحث باستقصاء ميداني شمل737 مؤسسة من عينة تمثيلية غطت كل القطاعات والمناطق واصطدم بعقبات كبيرة اقلها اقفال مؤسسات عدة وغياب واسع للعمال والموظفين ولو بشكل مؤقت وظرفي. لكن هذه الصعوبات أمكن معالجتها بالطرق العلمية الاحصائية بحيث انخفض هامش الخطأ في النتائج المجمعة الى مستوى متدن قدره 6 %.
وحسب هذه النتائج فان الانتاج تراجع بشكل هائل في 2021( -26.4% عن 2018) بعد تراجع كبير في 2020(-13% عن 2018) نتيجة المشاكل المتراكمة. لكنّ الملفت ان انتاجية العامل محتسبة يالساعة ارتفعت بشكل لافت خلال 2020(30%) عن 2018 بعدما سجلت 7.9% خلال 2019 بسبب التركيز الكبير لدى العامل وبسبب تراجع عدد العمال وساعات النشاط. وتراجع الانتاج الفعلي للمؤسسات الى35.65 %من القدرة النظرية في 2021 وارتفع عمر الآلات المستعملة الى 15.59 سنة في 2020واعتمدت قلة قليلة من المؤسسات المكننة الشاملة (3%) في مقابل نسبة تعكس تحسناً تقنياً في المكننة الجزئية (38.5%). وانخفضت انتاجية الارض (المساحات المستعملة من المساحات المتاحة) الى 55.8%.
وانعكست المؤشرات الانتاجية السلبية على الجانب الاجتماعي فتراجع العدد الاجمالي للعمال 13% في 2020 عنه في 2018 وتدهورت الاجور بفعل احتسابها بالدولار الاميركي. وبلغ التراجع52.8- %، كما انخفض الاجر الاساسي محتسباً بالدولار ايضاً (استناداً الى متوسط سعر الدولار ازاء اللبرة حسب مجموعات سوق القطع الموازي ) الى 5184.7 دولاراً كمتوسط عام في 2020 بانخفاض قدره 53.1% عن 2019 (11064.9 دولاراً)َ. ووقف تدهور سعر الليرة وراء القسم الاكبر من هذا الانهيار.
واتفقت غالبية المؤسسات على ان مشكلة الطاقة تمثل الهم الاول لعملية الانتاج حسب اّراء مسؤولي المؤسسات) (64.3%) تليها مسألة الرسوم الجمركية. اما على مستوى التسويق فأن المشكلة الاولى تأتي من المنافسة الاجنبية في الداخل (62%)، ولفت اننسبة مرتفعة من المؤسسات (36.4%) شكت من نقص المعلومات بشأن الاسواق الخارجية بما يستدعي معالجة سريعة. وبرز شيْ من التردد وعدم الوضوح في استرتيجيات مواجهة الازمة من قبل المؤسسات، لكن الجزء الاكبر من التدابير ركزعلى الاجور (26.6%) خفضاً وحسومات بشكل خاص. وتولى20.3 % من اصحاب المؤسسات تمويلاً ذاتياً استثنائياً. وقال11.2%انهم عملوا على زيادة التسويق الداخلي.
وتطرح الدراسة مجموعة كبيرة من اقتراحات المعالجة للنهوض بالقطاع وتطويرة ومضاعفة انتاجه قبل 2030. من هذه الاقتراحات ما هو لمدى قصير وملح ومنه لدى متوسط اوطويل ومنه ما يعود للسلطة الحكومية او للمؤسسات ولجمعية الصناعيين. وتتناول الاقتراحات الملفات الاساسية بدءاً بالطاقة( انتاج وتوزيع نعاوني او فردي للطاقة البديلة ، بناء وحدات مشتركة ، الاستمرار بالاستفادة من الطاقة العامة باسعار مخفضة) والتمويل ( اتفاق شامل مع جمعية المصارف، تمويل ميسر للتجهيز والتصدير...) والتسويق( اعادة بناء الاتفاقات التجارية ، التركيز على طلب مساعدة اليعثات الخارجية بالتسويق، سلع جديدة، تعزيز الثقة مع المستهلك اللبناني، منحة تصدير، معارض متخصصة...) ، والعمالة (تصحيح الاجور، تحسن التعويضات، عقد جماعي شامل ، مشاركة في القرار,,,)، كما في دور حمعية الصناعيين (والاهم المضي في اتجاه التحول الى مؤسسة يرتبط بها لزوماً اصحاب المؤسسات وتقوم بدور فاعل في كل الملفات).
تستند الصناعة اللبنانية إلى جذور عميقة في التاريخ، وربما كانت بذور هذه الصناعة واحدة من أقدم المحاولات البشرية في الحضارة الإنسانية والنشاط الإقتصادي. وهذه الحقيقة لا تعني، مطلقاً، أن هذا القطاع يقوم على أرض صلبة أو انه ينمو ويتطور كما أمثلة أخرى في العالم المتقدم. فالصحيح أن الصناعة اللبنانية تقلبت دائماً، منذ القدم وحتى اليوم، بين مجموعات متناقضة من محاولات النهوض والعراقيل والتحديات إلى أن أطلت على عصر جديد يضج بالاّمال أعتباراً من 2021 وما بعدها.